تاريخ الميلاد و البداية
يرجع تاريخ المملكة المغربية إلى ما قبل 4000 سنة، ومنذ ذلك الوقت توالت عليها العديد من الحضارات كانت بدايتها الحضارة الآشولية والإيبروموريسية بالإضافة إلى الحضارة الموستيرية عبر كل هذه السنين قبل و بعد الاسلام كان المغرب مرتبط بالملكية تحققت من خلالها أمجاد الدولة منذ قرون مع تعاقب الأسر و السلالات في إطار الإمبراطورية او الامارات او المملكة إلى استقرار الأمور مع الدولة العلوية في القرون الاخيرة .
في المجال الأفريقي و العربي و في سياق التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة :
حينما نحلل الأوضاع الإقليمية المتوترة في المنطقة العربية و القارة الأفريقية وما حل بها من دمار شامل، نقف عند حقيقة واحدة مفادها أن الملكية يرجع لها الفضل في عدم الانجرار وراء الشعارات العاطفية و الثورجية جالبة الموت والخراب و ذلك أن وضع الملك سامي فوق الأحزاب وفوق باقي سلطات الدولة ـ خاصة فوق البرلمان والحكومة ـ يمكنه من القيام بدور الحكم بين كل هذه الهيئات والسلطات المتنافسة، ويصلح بينها ، تفاديا للحروب الأهلية و السلطوية الحزبية للحزب الوحيد و الحسابات الضيقة للسياسيين و الحركات الانفصالية و العنصرية و النقابية و الأجندة الأجنبية الخارجة عن إرادة الدولة و المصلحة العامة .
فلا يمكن أن نتحدث عن الحرية و هي قادمة على ظهر دبابة الناتو كما حصل مع انظمة الشرق الأوسط في التسعينيات من القرن الماضي في العراق او الدمار الممنهج الذي وقع في سوريا ، في إطار الفوضى الخلاقة ، او حينما هبت موجات التغيير في الفضاء العربي لما يسمى الخريف العبري(الربيع العربي) ، التي كان عنوانها البارز "الحرية-الكرامة-العدالة الاجتماعية"، والتي أفضت إلى تغيير العديد من الأنظمة الشمولية بالمنطقة- تميز السياق المغربي بعنفوان الحراك الاجتماعي من جهة، وبحنكة المؤسسة الملكية التي استوعبت ديناميات الحركات الاحتجاجية والمطلبية ، وعلما بطبيعة المرحلة المستجدة، تمكنت من استشراف حقبة جديدة في مسارات الانتقال الذي باشره المغرب منذ سنوات فهي فعلا صمام الأمان الذي ظهر جاليا مع الملك الحسن الثاني، رحمه الله، حينما جنب المغرب شراسة المحاولات الانقلابية في السبعينيات و تكالب أصحاب الفكر الأوحد و الحزب الوحيد ، فعمل على سن التعددية كإجراء استراتيجي، حينها ، حسم الصراع حول السلطة و قطع الطريق على دكتاتوريات اليسار ذات الفكر الأوحد و الحزب الوحيد ثم عاد مرة أخرى لينقد البلاد بفلسفة التناوب في التسعينات ، هذه الثقافة التي أعطتنا الاستثناء وجنبتنا مسلسلات دموية كانت ستأتي على الأخضر واليابس ،فالإستقرار يكمن في أن جل الصراعات والسجالات الدائرة بين الأحزاب السياسية سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية تدور تحت سقف السلطة الملكية، وهو ما يكسر حدة السجال مقارنة مع الحالة المشرقية او في القارة السمراء التي تتصارع من أجل الوصول لهرم السلطة.
هذا الاستثناء ساهمت فيه المؤسسة الملكية بالإضافة إلى نظام أو فلسفة إمارة المؤمنين ، كيف !؟
إمارة المؤمنين مؤسسة قديمة و إرث مغربي من الأندلس ، مرتبطة بالتاريخ القديم للحكم بالمغرب ، حين فتح يوسف بن تاشفين (عهد المرابطين) الأندلس عُرضت عليه هذه التسمية ولكنه اختار فقط إمارة المسلمين"، قبل أن يأتي عهد الموحدين الذين تبنوا هذه التسمية و منذ ذلك الحين و إمارة المؤمنين بالمغرب تلعب دورا كبيرا في السلم والأمن الروحيين في المغرب و غرب افريقيا ، مما سمح في تعايش المسيحية، اليهودية و والإسلام في مجتمع يتعرض لتأثير الفكر الوهابي ولإخواني القادم من الشرق إعلاميا أو عبر جماعات او عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
فالمقارنة بين تجربة الإسلاميين بالمغرب والمشرق تكاد تكون غير ممكنة، ذلك أنه في الوقت الذي شكل المد الإسلامي مصدر إرباك و إزعاج للرؤساء العرب، كانت المؤسسة الملكية تفسح المجال للإسلاميين تحت عباءة إمارة المؤمنين و ظهرت المشاركة السياسية والمجتمعية بشكل أكثر تطورا مع جلالة الملك محمد السادس .. بمشاركتهم و تراسهم الحكومة ،ومن هنا يظهر تباين الولاء، فإسلاميو المشرق في صورة الإخوان ظلوا مرتبطين بالمرشد، بينما إسلاميو المغرب مرتبطون بالملكية ،طبيعة النظام السياسي في المغرب كان لها أيضا دور في الخصوصية الإسلامية المغربية، لأن المؤسسة الملكية تمتلك الآليات القادرة على امتصاص كل الإشكالات التي يمكن أن تؤثر على الاستقرار في المغرب ..
فالعرش هو رمز الدولة و لا دولة بدونه و هو صمام الأمان بالنسبة للبناء المؤسساتي ، و ضامن وحدة وتوازن وتماسك واستمرارية الأمة المغربية باختلاف أطيافها الثقافية و الجهوية و القبلية و الدينية و الإيديولوجية ..، حينما تخرج من منزلك للدراسة او للعمل أو للمقهى... فحينها تشعر بالأمن والأمان و حضور الدولة الذي يفتقد إليه المواطن الليبي والعراقي و السوري و الصومالي و حتى الاسباني حينا، ناهيك عن القارة الأفريقية الغارقة في الانقلابات و الحروب الأهلية و تقلبات الاوضاع هنا و هناك ، هذا كله يكون رسالة لكل من يشغل نفسه بافكار مخالفة معارضة أو انفصالية أو مراهقة فكرية فهو واهم خارج المنطق و الزمان ،فالتاريخ يمضي غير متوقف و القافلة تسير ،.... !