mercredi 28 février 2018

قبر آخر ملوك الأندلس بفاس ابو عبديل او أبي عبدالله محمد الثاني عشر ملك غرناطة

دامت «حرب غرناطة» 10 سنوات بين عامي 1482 و1492، شهدت استعمالًا فعّالًا للمدفعيةِ مِن قِبل القوات المسيحية أمام تخلف غرناطي في هذا الجانب. كتب المؤرخ «ويستون كوك. جى آر»: واصفًا المعركة: «إن قوة النار الناتجة عن البارود وعمليات الحصار التي استخدمت فيها المدفعية هى التي أدت إلى الانتصار في حرب غرناطة، أما العوامل الأخرى في النصر الإسبانى فقد كانت عوامل ثانوية».

كان قدر آخر ملوك الأندلس  «أبي عبد الله محمد الثاني عشر» أن يكون المفاوض على نهاية الحكم الإسلامي بشبه الجزيرة الأيبيرية، أمام هيبة عسكرية متصاعدة لملوك إسبانيا  أدركوا جيدًا أن سقوط غرناطة سيشكل النواة التي سيطوف حولها العالم السياسي الغرب.

ربما فَضَّلَ «أبو عبد الله» إذن إمضاء معاهدة تسليم تحفظ للمسلمين دينهم وأموالهم وأملاكهم، بدلًا من مواصلة مقاومة لن تُجدي نفعًا ولن تُهدِر سوى مزيد من الأرواح. وُقِعت «معاهدة غرناطة» أو «معاهدة تسليم غرناطة» بين مملكة غرناطة ومملكة قشتالة بتاريخ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1491م. التزم السلطان وتابعوه من خلالها بالاستسلام للملكين الكاثوليكيين كما التزم الأخيران وأقسما بضمان السلامة الشخصية والمادية لأبي عبد الله ولأسرته ومعاونيه بعد حرب دامت 10 سنوات و حصار إسباني دام 8 شهور .

كما سمحت المعاهدة لمسلمي غرناطة بممارسة الشعائر الإسلامية والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، وفي حالة أي احتكاك أو خصام ضد المسيحيين، يتمتع الطرفان المتخاصمان بحق الاحتكام لقرار هيئة قضاة من الديانتين، ولتسهيل الحياة العامة بغرناطة، تقيد الملكان بإنشاء مجلس إسلامي للمدينة مكون من 21 عضوًا محليًّا، من بينهم فقهاء، وكُتَّاب عدل، ومترجم وعدد من «الأمناء» الذين يمثلون مختلف المهن المتداولة بالمملكة.

بالرغم من كل هذه البنود، هاجر الكثير من ممثلي نخبة القطاع الاقتصادي للمجتمع الغرناطي. لم يكن المستقبل واضحًا. لا أمان، لا اطمئنان ولا راحة في الوضع الجديد. سهلت قشتالة خروجهم. فقد كانت هجرة الأقلية المُسيِرة أمرًا مستحبًا بالنسبة للمنتصرين، إذ إن رحيلهم ضمن بشكل كبير تفكك المجتمع الغرناطي.

مع سقوط غرناطة سنة 1492م، غادر «أبو عبد الله» الحمراء نحو المنفى، وفي الطريق، وقف ليتأمل الحمراء للمرة الأخيرة من أعلى إحدى المرتفعات. تأثر إلى أن بكى الماضي العريق والذكريات. انتبهت والدته لبكائه فوبخته بجملة دخلت التاريخ: «ابك مثل النساء ملكًا مضاعًا، لم تحافظ عليه مثل الرجال».

غادر أبو عبد الله الصغير الأندلس. حيث استقر بفاس، وعاش هناك حياة لم يعرف أحد عنها شيئًا حتى مات عن عمر يناهز 75 عامًا متهمًا بالعار والخيانة والتفريط. وقد انتقل بعد تسليم غرناطة لفترة وجيزة إلى البشرات ثم رحل إلى المغرب. حيث نزل في مدينة غساسة الأثرية الموجودة بإقليم الناظور ثم حل بفاس إلى أن توفي سنة 1533.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire