jeudi 22 mars 2018

موضوع الساعة الإرث

مازال النقاش حول قضية المساواة في الإرث لم ينته بعد، ولم يحسم بنتيجة ترضى بعض الجهات والأطراف الغريبة التي ما زالت تثير الموضوع بين الفينة والأخرى بعناوين وأساليب مختلفة، رغم رفض المجتمع و الغالبية الصامتة لمناقشة الموضوع نهائيا…

وفي خضم هذا النقاش الذي عمر طويلا، تكلم فقهاء القانون و الدين فيه و كان النقاش قاطعا و تم تبيان ان هناك عدة حالات يتساوى فيها الجنسين في الإرث، وأخرى يزيد فيها نصيب المرأة عن الرجل، أو ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الذكر..وقدمت نماذج وأمثلة كثيرة على ذلك. وما جعلني أعيد الإسهام في الموضوع هذه المرة، هو استمرار النقاش حوله، وخاصة بعد تصريح جمعيات الكلام الفارغ  الذي دعت فيه إلى إعادة النظر في منظومة الإرث، بما يتناسب والقيم السائدة في المجتمع اليوم، وأيضا بعد التصريح الذي نشرته الصحف لأسماء لمرابط، تزعم فيه أن هناك آيات قرآنية تدعو إلى مساواة الرجل والمرأة في الإرث، ومن ثم دعت – حسب زعمها- إلى تنزيل مبادئ المساواة التي نص عليها الدين الإسلامي بين الرجل والمرأة , ورغم أن مضمون التصريح الأخير لا ينم إلا على تهجم واضح على القانون دون امتلاك للأدوات والقواعد الأصولية البسيطة لفهمه، والادعاءات العشوائية دون سند علمي رصين ، المسألة محسومة بوجود النص، ( للذكر مثل حظ الأنثيين) و”لا اجتهاد مع وجود النص القرآني” الواضح ، الشافي المقنع للأسباب التالية:  

قاعدة: تغيّر الأحكام واختلافِها بحسب الزمان و الظرفية و واقع المجتمع .

هذه القاعدة هي السند الذي اعتمد عليه أبو زيد في ما صرح به؛ لأنه اعتبر الرعاية والوصاية والنفقة التي كانت مفروضة على الرجل تجاه المرأة يوم نزل القرآن لم تعد هي نفس القيم اليوم و هذا لا أساس له من الصحة و غير واقعي و لا يمكن تعميمه ، لا زال في مجتمعاتنا الصداق و النفقة و الزواج بالقادر بالأمور المادية و صاحب الدخل و الجاه و النسب و لا زال التعويل على الرجل في التمويل و المصاريف بشكل كبير و الرجل الأغنى و الأقوى ماديا.

قاعدة: المصلحة العامة، وإقامة العدل بين الخلق حسب الدكتورة المرابط  .

ففي إطار منطق هذه الكلمات :  نظام الميراث في الإسلام قائم على هذه المقاصد أساساً، فهو لم يحرم امرأة ولا صغيراً بمجرد أنها امرأة أو صغير – عكس ما كان في النظم القديمة – وإنما روعي في هذا التقسيم الإلهي أن ملاحظة الأكثر احتياجاً هي التي جعلت الذكر ضعف الأنثى في المسائل التي يرث فيها الرجل أكثر من المرأة، و لهذا وجب التعديل حسب الدكتورة .

لكن ارتباط الإرث بتضامن الزواج وامتداد الأسرة، فالبنت تنتقل إلى أسرة الزوج وتستقر في نسب آخر ، بينما يبقى الاولاد  ممتدين لأسرة الاب، وفي ظل هذا الواقع يصعب من الناحيتين الاجتماعية والحقوقية التسوية بين الذكر المستقر في موطن الموروث والحافظ على نسبه وامتداد أسرته، وبين الأنثى التي انتقلت واندمجت بأسرة أخرى وأولادها لا ينتسبون إلى أبيها.

في الختام: بعد النظر في الاستدلالات السابقة، وقواعد المعتمدة لمن يدافع على هذه الفوضى، كمواطن ارى ان لتحقيق مبدأ العدل في هذه الاستثناءات، أن الأجدر في هذا الباب ، تخصيص مواد استثنائية للحالات الخاصة، مثل الحالة التي تكون فيها البنت مساهمة في تشكيل ثروة أبيها، على غرار ما نجده في مدونة الأسرة، في ما يخص تقسيم الممتلكات الزوجية، إذ يتم الرجوع إلى القواعد العامة للإثبات , مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة” فكذلك يمكن إيجاد مثل هذه المواد لتكون جواباً عن أي فراغ تشريعي يخص هذه الحالات الاستثنائية الخاصة؛ تحقيقا لمبدأ العدل والمساواة ومراعاة لمصالح الخلق أجمعين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire